سيمفونية صناعة المستقبل..!

1 مارس 2022
سيمفونية صناعة المستقبل..!

بقلم الأستاذ الدكتور تركي بني خالد

التعليم ليس هدفا بذاته، وإنما هو احد الركائز الأساسية لتحقيق الرفاه للإنسان. والتربية التي ترافق التعليم هي الوسيلة الفضلى لتحقيق التوازن في عملية بناء الإنسان، وتعزيز انتمائه لوطنه وأمته. ولعله من نافلة القول أن التربية والتعليم هما الجناحان اللذان لا يطير المجتمع إلا بواسطتهما نحو الدرجات العلى من الحضارة والتقدم بكل أشكاله المادية والمعنوية. 

ولكي تحقق المنظومة التعليمية والتربوية أهدافها الوطنية والإنسانية، فانه لا بد من ضبط إيقاعها على نحو صحيح مستمد من الثوابت القومية والطموحات الحضارية التي تطمح لها الأجيال. ومن هنا فان أي نشاز في  عزف سيمفونية صناعة المستقبل من شأنه التسبب في المزيد من التخبط وربما العبثية في رسم الخطط الوطنية واليات تنفيذها.

 ضبط الإيقاع لا يعني إن النظام التعليمي التربوي في خطر لا قدر الله.  ولكنه يعني الحاجة إلى ضمان التكاملية وتنسيق المشاركة حسب الأهداف والأدوار لكل أفراد الجوقة. وضبط الإيقاع هو استدامة التناغم مع الرؤية والرسالة اللتان يحددهما المجتمع بأدواته الديموقراطية المتنوعة. 

والضبط يوحي بمعاني الانضباط والالتزام بمعايير شفافة للأداء تضمنها أدوات واضحة للمساءلة والمكافأة في السعي نحو أداء راق وجودة محكمة يرضى عنا المجتمع بكل مكوناته ومؤسساته. كما أن ضبط الإيقاع التربوي والتعليمي لا يعني البداية من الصفر وإنما البناء على ما تم انجازه عبر السنين على يد الآباء والأجداد الذين ناضلوا من اجل توريثنا واقعا أفضل مما أتيح لهم.

في عالم الفنون والأدب والعلوم والابتكار هناك الفكرة وهناك الحلم. وهناك الكلمة المبدعة والصورة الفاتنة للقلوب والعقول. هناك اللحن الذي ياسر الألباب، والريشة المعبرة عن إيقاع القلب والروح. وهناك المبدعون في العمل الذين يخرجون لنا الإبداعات بأبهى صورها. لكن الأهم في كل هذه العمليات برأيي هو أو هي من يملكون القدرة والرؤية والإخلاص والعزم على ضبط الإيقاع الذي يأتي بمستوى الطموح.

من أجل الارتقاء بالمجتمع، ليس لنا إلا أن  نضبط إيقاع سيمفونية تربوية تعليمية ثقافية شاملة تبنى على أسس من المشاركة الحقيقية، والشفافية العالية، والمبادئ الإنسانية السامية. لا بد من الاتفاق على سلم الأولويات، ووضوح الرؤية، وتوفير مؤشرات وأدوات القياس والتقييم السليمة، لكي تكون عملية الإصلاح والتقويم بالمستوى المرجو. 

ولكي يحدث كل ذلك، أو بعض منه،  لا مفر من اختيار عادل وسليم لضباط الإيقاع وكافة من يشاركون في جوقة العزف على أوتار الإبداع والابتكار والريادة التي تليق بالوطن والمواطن.

 باختصار، حان الآن وقت ضبط إيقاع النظام التربوي والتعليمي وإنهاء حالة التردد والخوف إزاء ما نسمعه من نشاز يؤذي الأسماع، وربما يوجع القلب!.