شربجي تكتب: الشياطين ضرورية لتوازن العالم

23 ديسمبر 2021
شربجي تكتب: الشياطين ضرورية لتوازن العالم

 

علا شربجي

سباق دول المنطقة لانتزاع مدللة العرب من الحاضنة الايرانية الروسية بمباركة امريكية ..و قيصر ركن على الرف و الجائزة الكبرى لاسرائيل .
#قريبا_سوريا_على_كرسيها_في_قمة_الجزائر

#الشياطين_ضرورية_لتوازن_العالم

ماراثون دولي ينصاع لمقولة هنري كسنجر ” لا حرب دون مصر ، و لا سلام دون سوريا ”

بعد ان غرقت سوريا في بحر دماء حرب دمرت اكثر من نصف البنية التحتية في عموم سوريا و شردت الآلاف من ابناءها رامية بهم الى ألم و وجع طروقات صدقات العالم ، تغيرت قواعد اللعبة العالمية تجاه سوريا بعد ان توضح لامريكا ان دمشق لن تسقط طالما بقيت مستظلة بالحماية الايرانية الروسية .

اذا ما الحل ؟
ادركت ادارة بايدن اخطاء من سبقها في محاولتها لخلع بشار الاسد من الحكم ، لتسارع الى عكس اتجاه الدفة المتعارف عليها ، مقدمة الدعم لمساعدة بشار في ادارة كافة مفاصل الدولة و السيطرة على الشأن الداخلي و الخارجي !!

⁉️ كيف دعمت امريكا بقاء الاسد دعما متحفظا ؟
الاغراء بدل الضغط و الجذب بدل الطرد ، ركن التفريط بسوريا التي قد تكون كرتًا رابحا للتقاصي السياسي في مصالح اخرى بين امريكا و روسيا او ايران او قد تكون مع الصين .
من استطاع اسقاط نظام صدام و خلع القذافي من جذوره في ليبيا لم يكن من الصعب عليه خلع الاسد باتصال هاتفي كما حدث مع مبارك .

⁉️هل عبرت امريكا بشكل شاف و كافي عن غضبها و رفضها من استمرارية النظام السوري في سدة الحكم ؟؟
هناك بعض المفاتيح الواقعية بعيدا عن جعجعة ميكروفونات الصحافه عن الرضى الامريكي باستمرار نهج الحكم السوري على ما هو عليه .
اولا :
اكتفت الامم المتحده و منظمات المجتمع المدني بتوصيف الحال في سوريا دون تحديد مسؤولية الجرائم التي حصلت ضد الانسانية و اكتفت بقرارات تصف فيه الجرائم دون توجيه عقوبات مباشرة .
ثانيا :
كان من الواضح غياب الارادة الفعلية لاسقاط النظام السوري تلك الارداة التي لاحقت نظام صدام حسين و وصفته بالديكتاتوري و هي ذات الاراده التي دفعت لاسقاط القذافي ” الحالم بتوحيد القارة السوداء ” .
ثالثا :
عودت سوريا إلى شبكاتها من قبل الانتربول وهذا يعني تمكين نظام بشار الأسد من إصدار مذكرات توقيف دولية (ما يسمى بالنشرات الحمراء) لأول مرة منذ عام 2011، وتعريض مئات الآلاف من اللاجئين السوريين في الخارج للخطر.
رابعا :
قرار منظمة الصحة العالمية منح سوريا مقعداً في مجلس إدارتها .

⁉️ المد و الجزر مع النظام الثوري ..ما الذي تريده امريكا ؟؟
بدأ رعب التربع على عرش النظام العالمي و الابقاء على احادية القطبية يقلق مراكز القوى في الولايات المتحده التي تسعى دائما الى الحفاظ على نتاج انتصاراتها بعد الحرب البارده ، فالتحديات باتت اقوى مع اشتداد نيران التنين الأحمر المتربع على عرش الاقتصاد تلك الحقيقية المرفوض سماعها من قبل الامريكيان الا ان تقرير صندوق النقد الدولي تحت عنوان آفاق الاقتصاد العالمي لعام 2020 قدم تقريراً قاسياً حول الاقتصاد العالمي والتحديات المقبلة، لكن الحقيقة “الأكثر إيلاماً” في هذا التقرير، بحسب وصف مجلة “National Interest “ الأمريكية أن الصين أزاحت الولايات المتحدة عن التربع على عرش الاقتصاد، لتصبح بكين أكبر اقتصاد في العالم لأول مرة.
اما روسيا التي دخلت سوريا “لتبقى” ، استثمرت طاقاتها و قواها سياسيا وعسكريا واقتصاديا في الوصول إلى الوضع الحالي، لكنها لم تجني بعد ثمار انقاذها لحكم الاسد .

عليه عادت الذاكرة الى اقتراح المفكر السياسي الامريكي البروفسور ستيفن والت استاذ العلاقات الدولية في كلية كينيدي بجامعة هارفارد الامريكية الذي وجَّه نصيحة للادارة الامريكية في عهد ترامب بان بشار الاسد هو افضل السيناريوهات الموجوده على الطاولة .

⁉️هل كان الغضب الامريكي من نظام الاسد حقيقيا .. لماذا لم تنفجر واشنطن بوجه الاسد ؟؟
1- قد تكون “حقيبة كولن باول” عام 2003 مثال واقعي على مرونة الفائدة من وجود النظام السوري من خلال وزير الخارجية الامريكي كولن باول اثناء وجوده في دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد حيث فرض ضرورة التكيف مع المعطيات الجديدة في المنطقة بعد الحرب على العراق واستئناف عملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية إثر نشر خارطة الطريق و ما كان من النظام السوري الا أن أقفل مكاتب لعدد من المنظمات المناهضة لإسرائيل دون أن يحدد أسماء هذه المنظمات.
استمر الامتعاض الخجول من بقاء النظام السوري مابين تعاقب الرئاسات على امريكا الى ان جاءت ادارة بايدن لتفكر بتسويات سياسية جديدة ، اذ لا يمكن فصل المبادرات العربية بزيارة دمشق عن قانون قيصر و الرقابة الامريكية لأي تعاون مع النظام

⁉️ اذا .. لماذا العداء الظاهر و الابقاء المبطن مع النظام السوري ؟؟!
بعد ان بدا واضحا ان امريكا توصلت الى قناعة تامة ان خلاصة مشاكلها في سوريا و مع النظام السوري تتلخص بما يلي :
اولا :
النزاع التركي الكردي و محاولات اقليم كردستان انشاء دولة مستقلة و هو الامر الذي من شأنه ان يشعل حربا اقليمية كبرى ، لا صالح منها لجميع الاطراف الا ” الكرد ” .
حتى وان كانوا شركاء امريكا بيوم ما ضد حربها مع داعش الا ان تلك الشراكة هي شراكة “متطلبات مرحلة ما “.

ثانيا :
مشكلة المتطرفين و الاهاربيين .. تلك المشكلة التي يستطيع نظام الاسد القضاء عليها دون معونة من احد خاصة و ان الفكر الداعشي يعتبر ان العلويين هم كفار يجب القضاء عليهم لذلك سيسعى النظام الى فرض السيطرة و التخلص بشكلٍ كامل من كل ما يمت بصلة لداعش و توابعه فلا حاجة لطلب المساعده من احد .
ثالثا :
هيمنة و زيادة النفوذ الايراني و الروسي في سوريا .
ادركت الادارة الامريكية ان لعب السياسة الناعمة “المتفهمة ” ستنتزع سوريا من احضان “الدب الابيض “و “بعبع الخليج “، خاصة ان هي اعطت الضوء الاخضر لحلفائها في المنطقه للتقرب من الدولة السورية و اعادة العلاقات معها .. يعني التخفيف من قوى التحكم و الضغط الايراني الروسي على النظام السوري و تأطير العلاقات معهما ، مما يعطي فرصة اكبر للاسد ليقول لا في وجه الروس و الايرانيين .
اذا .. بقاء الاسد و تشجيعه بالسيطره على جميع اجزاء سوريا هو افضل الطروحات لا حبا بالاسد بل حفاظًا على المصالح الامريكية و الامن الاسرائيلي .. لتبدأ “الاسلاك الدبلوماسية ” بترتيب اللقاءات الرئاسية لاستعادة العلاقات مع دمشق و عودتها الى حاضنة الجامعة العربية لتأتي الخطوة الاهم ألا و هي “التطبيع ” و الترحيب بوجود الدولة الاسرائيلية في المنطقة بل يمكن ان تشهد الايام القادمة زيارات و تعاونا متحررا من تحت الطاوله ليطفو أمام عدسات الكاميرات العالمية .

لكن و كما يقول مريد البرغوثي ” لا غائب يعود كاملًا ، لا شيء يُستعاد كما هوَ .! ”

سوريا اليوم لن تكفيها بناء اكوام الحجارة لتعود الى ياسمين الشام ، الاخوة العرب مزقتهم المصالح و الكراسي .. القومية و الوطنية و الروح العربية باتت كلمات و مفاهيم الحالمين في اوطان تنهش لغة الضاد .
لكن تذكروا .. يبقى جود الشياطين ضروره لتوازن هذا العالم .

رابعا :
الامن القومي الاسرائيلي و استقراره و من يسعى و يحافظ على هذا الاستقرار !!
المتبرعون اسخياء و المتطوعين كثر .. اليوم سيطوى الملف السوري و غدا ستُعد و ليمة القضية الفلسطينية .. فلا داعي للتفاصيل .
هي اسرائيل اليوم و غدا بمساعدة الاصدقاء و الحافظين لدرس متطلبات الحفاظ على الكرسي ستصبح دولة بحجة حق الفلسطينيين في عيش كريم ..صدق نزار قباني عندما قال في قصيدته ” أنا مع الإرهابي ” : متهمون نحن بالإرهاب
أذا كتبنا عن بقايا وطن …
مخلع … مفكك مهترئ
أشلاؤه تناثرت أشلاء …
عن وطن يبحث عن عنوانه …
وأمة ليس لها سماء !!
عن وطن …
يمشي إلى مفاوضات السلم
دونما كرامة …
ودونما حذاء !!

اذا .. بقاء الاسد و تشجيعه للسيطره على جميع اجزاء سوريا و فتح ابواب انعاش الاقتصاد و عودة الحياة الدبلوماسيه في دمشق اقليميا و دوليا هو افضل الطروحات لا حبا بالاسد بل حفاظًا على المصالح الامريكية الاسرائيلية.م

ما هو هدف الدول الاخرى في التقرب من النظام السوري ؟؟!

يبدو ان مشروع الشراكة بين امريكا و الشرق الاوسط “المعلن ” من خلال قد طفى على السطح بشكل تكون اسرائيل فيه هي المركز و الدول الشرق الاوسطية هي الدائرة حول هذا المركز كما يقول علي وهب و الذي شبه هذا الحل بحال كل سفن العالم التي كان عليها عند اتجاهها نحو الغرب ان تمر في لندن لتدفع ما يطلب منها ثم تغادر بريطانيا .

لنبدأ من السعودية : بعد ان تخلت عن القوى الخشنة في معاداة النظام الاسد ، نراها اليوم تحقق غاياتها عن طريق طرق ناعمة دبلوماسية متحفظه لتعود السعودية الى الصيغة المجربة و المعروفة دوليا لترسيخ النفوذ في الساحة اللبنانية .. “الاسد هو خير من فرش الورد أمام من فكر في تحقيق مصالحه على الأراضي اللبنانية ” !
لكن تقدم العلاقات السعوديه السورية يتسم بالتردد الى الآن فروح الشباب في ولي عهدها الامير محمد بن سلمان لن يتواءم معها نهج النظام السوري المعتق المنفرد في السلطة .
يقول جوشوا لانديس المتخصص في الشأن السوري بجامعة أوكلاهوما “الجهد الكبير هو جمع السعودية وسوريا في شكل ما من أشكال المصالحة. وأعتقد أن السعودية ستغير رأيها وأنهم ينتظرون الولايات المتحدة فحسب”.

مصر و السيسي : التفكير المصري واضح المعالم فالبديل مرفوض تماما حسب اعتقاده كونه يحمل معه المجهول .. او ان التغيير سيحمل معه احد افراد الجماعات المتطرفة التي تحاربها مصر اليوم ..

الامارات : سوريا العربية الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة”.. رسالة كتبها ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد اثبت من خلاله ان الامارات
هي اللاعب الذكي في المنطقة و الداعم لاستقرار المنطقة بشكل قوي الذي شجع على عودة سوريا إلى محيطها الذي يصب في مصلحة سوريا والمنطقة ككل،و وجوب عودتها الى حاضنة الجامعة العربية لتتصدى و ترفض الامارات قانون قيصر بشكل مباشر .

تغريدة اطلقها الشيخ محمد بن زايد دق من خلالها وتد التمسك الاماراتي بأهمية النظام السوري و اهمية سوريا في المنطقة قائلا : “التضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار، وسوريا العربية الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة”.
موقف امارتي واضح المعالم يتجه نحو الهدف مباشرة .. سوريا ستبقى و سيكون للامارات نصيب في إعادة الاعمار لكن حتى و ان جنت الامارات الملايين جراء اعادة الاعمار الا انها لن تتخلى عن عودة دمشق الى احضان العرب

محذرة المجتمع الدولي تجاه المأساة السورية والأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية من مسؤولية أخلاقية وإنسانية كبرى، لتدارك الكارثة، ومعالجة الأزمة الوجودية السورية، التي لن تقف تداعياتها وشظاياها، عند عتبة حدود سوريا فقط، بل طالت وستطال الجميع إقليمياً ودولياً. فالامر حسب وجهة نظر الامارات لا يتعلق بمن يريد او لا يريد بمن يحب او يكره النظام السوري .. فالامر يصب في المصلحة العامة لسوريا و دول العالم ، الامر تعدى دول المنطقة . وبناءا عليه على امريكا الغاء قيصر من قاموسها ان ارادت المضي في الاصلاح و البحث عن المصالح .
مما يترتب عليه :
1-التعاون الاماراتي السوري يعني هدوء العاصفه مع ايران و تركيا .
2-التعاون مع سوريا يعني السيطرة على جماعات الاسلام السياسي .
التعاون و الاحتضان الاماراتي لسوريا يعني صفقات بالملايين لإعادة الاعمار و ثورة الانفتاح الطبيعية التي ستحصل لسوريا .

تركيا :
الموقف التركي من الملف السوري ينطبق عليه قول تشرشل ” في السياسة ليس هناك عدو دائم او صديق دائم هناك مصالح دائمة”
من وعود بالتخلص من نظام الاسد و الصلاة في المسجد الاموي الى مساعي حقيقية لقلب صفحة الماضي و دعم النظام للحد من كابوس الازمات .
اذ ان الهاجس التركي يتمثل في تخلصه من تنظيم “ي ب ك” الكردي ، و بالتالي ستكون تركيا من اكبر الداعمين لنظام الاسد في حال ابدى تعاونه مع تركيا في تهدئة الارق التركي من الكرد خاصة ان السياسات التركية اخذت منحى جديد بعلاقاتها مع المحيط الاقليمي و الدولي .

و ختامها .. الأردن
لاعب لطالما عرف ببراعته في دهقنة المواقف السياسية بحرفية عاليه لتصب في صالح الاردن .. يثبت وجوده أينما كان
في 19 تموز 2021 شهد تحركات الملك عبد الله الى واشنطن و طبعا لم تهمس الاروقه السياسيه عن عمق الحوار في الملف السوري الا انه ترجم في 29 ايلول 2021 بفتح المعابر الحدودية مع سوريا و في 3 تشرين الاول 2021 تلقى ملك الاردن عبد الله الثاني منذ عشر سنوات اتصالا هاتفيا من بشار الاسد .
و استطاع الاردن من خلال اتفاقية تمرير الغاز الى لبنان عبر سوريا ان يسقط قيصر بعد ان أغمضت واشنطن احد عينيها عن القرار ، اذ كان اهون على واشنطن كسر قيصر على أن تبادر ايران بتقديم المساعدة التي ستقوي من نفوذها في لبنان عن طريق حزب الله .

وكأن التاريخ لا ينسى اي اقتراح يصب في صالح اسرائيل مثل اقتراح غابوتنسكي حين اقترح انشاء سوق شرق اوسطيه عام 1922 تكون الصهيونية مسيطرة عليها اقتصاديا ، الفكرة ظهرت في مؤتمر بالتيمور الصهيوني عام 1942.

و صدقت كوندليزا رايس عندما دعت في محاضرتها التي القتها في الجامعة الامريكية في القاهره الى الاخذ بالتغيرات التي ستحدث في المنطقة و التي بدورها ستدعم اية “جهود اصلاحية” من شأنها ان تتماشى مع سياسة امريكا .

في الختام … الثورة لم تولد و القومية دثرت و الاوطان احترقت و البحار ابتعلتهم ..ماتوا من غير قبور
هكذا هي اروقة السياسه .. هكذا تدار رقعة الشطرنج .. نلعب سوياً لكن لا يحق لك ان تغلبني لتبقى صديقي .. مات الشعب عاشت المصالح
إياكم و التفكير في التغيير و الا سيبتلعكم البحر .