الشتاء وكورونا وضيق الحال.. ثلاثية يقترب الأردنيون من مواجهتها

19 نوفمبر 2020
الشتاء وكورونا وضيق الحال.. ثلاثية يقترب الأردنيون من مواجهتها

وطنا اليوم:في هذا العام؛ يستقبل بعض الأردنيين موسم الشتاء بمزيد من القلق والخوف من غياب القدرة على تأمين احتياجات الأسرة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي فرضتها جائحة كورونا وألقت بظلالها على كل تفاصيل الحياة.
يبدو أن فصل الشتاء سيمر ثقيلا على أسر لاتكاد تدبر أوضاعها المادية وتأمين مستلزمات الشتاء من ملابس ومحروقات وغيرها في ظل الارتفاع المستمر للأسعار وانخفاض الدخل، غير أن جائحة كورنا جاءت لتجعل الشتاء أكثر صعوبة في الوقت الذي خسر فيه الكثير من الأفراد وظائفهم وتدنت أجورهم.
أبو وائل رب أسرة تتكون من سبعة أفراد، فقد وظيفته خلال جائحة كورونا بعد أن أنهت شركة المقاولات التي كان يعمل بها خدماته، ليواجه الظروف الاقتصادية الصعبة والتزامات الشتاء.
ليس فقد العمل وحده ما يجعل استقبال الشتاء ثقيلا على أبي وائل وفق حديثه بل عدم قدرته أيضا على استغلال موسم الزيتون بسبب الحظر والظروف المادية الصعبة التي لحقت أيضا بأصحاب المزارع.
حال أبي وائل حال الكثير من المواطنين التي تقطعت بهم السبل بسبب جائحة كورونا وتحول فصل الشتاء فصل الخير والعطاء إلى كابوس يقلق راحة الأفراد الذين يخشون على أطفالهم برد الشتاء وخطورة أمراضه.
خبير علم الاجتماع الاقتصادي حسام عايش، يشير بدوره إلى أن التقاء فصل الشتاء مع جائحة كورونا يمثل مشكله اقتصادية كبيرة وصحية خطيرة تتعلق بالوباء وانتشاره، لافتا إلى أن هذا التداخل بين أمراض الشتاء كالإنفلونزا أو الزكام وإلى آخره، سيخلق مشكلة من هذا الباب، اضافة للأوضاع الاقتصادية والالتزامات غير المنتهية للناس في الشتاء.
وما يفاقم الأمر بحسب عايش، أن فصل الشتاء بحد ذاته له متطلبات، يطلق عليها اقتصاديات الشتاء، وهي مكلفة على الأسر والمواطنين بشكل خاص، خصوصا أن كلفة الطاقة المطلوبة لهذا الفصل تستهلك جزءا مهما من دخل الأسر ومن دخل المواطنين.
إلى ذلك، فإن دخل الأسرة يتراجع في فصل الشتاء عندما نتحدث عن تراجع في الدخل بنسبه 20 او 30 او حتى 50 % سواء لموظفين في القطاع الخاص أو في القطاعات الأخرى.
ويلفت عايش إلى أن نسبة أعداد العاطلين الجدد عن العمل بلغت 23 %، وقد ترتفع اكثر في فصل الشتاء الى ان تتجاوز ال 25 % وصولا الى 30 % في الفصول القادمة من السنة، وهذا يزيد من حجم الأعباء الناجمة عن كورونا والتي ستنعكس مباشرة على قدرة الكثير من الأسر على التكيف.
ويقول عايش ان للتزام الكثير من الأسر بالإجراءات الوقائية لمواجهة كورونا، كلفة إضافيه، باعتبار أن الأسر لاتكاد توفر المستلزمات الأساسية فيما يتعلق بالتدفئة حتى توفر متطلبات جديدة تستنزف جزءا لا بأس به من الدخل لم تكن موجودة في فصول الشتاء السابقة.
ويتحدث عايش في هذا السياق عن حالات من العسر المالي الذي سيواجه هذه الأسر وربما يكون التكيف معها على حساب متطلبات الأمن الصحي، كذلك المشكلات المتعلقة بالتكيف مع فصل الشتاء بكلفه الاضافية، ومخاطر الاصابة بهذا الفيروس.
ويقول عايش، الحكومة لم تعد قادرة على تقديم ما يسمح للمواطنين بالتكيف مع الأعباء الناجمة عن الإصابة بهذا الوباء بهذا الفيروس، خصوصا اذا ما تطورت حالة الإصابة الى الأسوأ والى الحاجة للبقاء في المستشفيات.
ويضيف أن متطلبات مواجهة هذه الظروف لن تكون عادية مع انخفاض الدخل لدى الكثيرين، وما يرافق ذلك من حالة انعدام اليقين لما هو قادم، وسيؤدي الشتاء هذا العام، وفق عايش لمزيد من الضغوط الاقتصادية على الأسر، وبالتالي تظهر ردود فعل أولية على كل هذه الحالة الاقتصادية والاجتماعية، ما يفاقم من التزامات الناس بمتطلبات الأمن الصحي لمواجهة فيروس كورونا ويدفع للاسف نحو مزيد من انتشار لهذا الوباء ويؤدي الى دورة جديدة من دورات عنف الجائحة فيما يتعلق بزيادة عدد الاصابات ثم الضغط على النظام الصحي.
والأخطر في فصل الشتاء لهذا العام، بحسب عايش هو الضغط على النظام الاقتصادي سواء للدولة بشكل عام او للأسر بشكل خاص، وينبغي على الجهات المعنية ان يكون لها دور فاعل وحقيقي وموثوق به لكي تطمئن الناس وتتخطى الأزمة بأقل قدر من الخسائر وبأعلى مستوى من التكيف.
أخصائي علم الاجتماع الأسري مفيد سرحان بدوره يبين أن انتشار وباء كورونا وتزايد أعداد الإصابات والوفيات سيطر على أحاديث الناس ومشاعرهم وجعل الجميع يعيش في قلق واضطراب دائم، خصوصا مع تفشي انتشار هذا الوباء وتغييره للكثير من السلوكات.
ومع دخول فصل الشتاء واستمرار انتشار الوباء، فإن التأثيرات بحسب سرحان ما زالت مستمرة بل ربما ستزيد سواء من النواحي الصحية، حيث يصاب الكثيرين بالإنفلونزا أو الرشح، أما اقتصاديا، فإن الظروف العادية يتناقص فيها دخل العديد من الأسر نظرا لاعتمادهم على العمل اليومي غير المنتظم في فصل الشتاء.
وعادة ما يسبق فصل الشتاء استعدادات تتعلق بالمسكن واحتياجات الشتاء، والذي يتطلب تحضير الملابس وإن توفر جزء منها عند الأسر فإنها بحاجة إلى شراء أجزاء أخرى خصوصاً للأبناء بمراحل عمرية مختلفة وتتغير طبيعة لباسهم من عام لآخر، وفق سرحان.
كما أن الاستعدادات لفصل الشتاء تشمل تجهيز المدافئ وشراء المحروقات، ومنها ما يعمل بالسولار أو الغاز أو الكاز، استعداداً لمواجهة البرد.
ولعل انتشار الوباء هذا العام يزيد من الصعوبات الاقتصادية لدى كثير من الأسر، مع المعاناة من زيادة القلق والارتباك والخوف من الإصابة بالوباء وتخوفات فرض الحظر الشامل وما يعنيه ذلك من تراجع دخل الأسرة وتوقف أعداد كبيرة من عن العمل.
وفي العادة تقوم كثير من الأسر بالاشتراك في جمعيات عائلية بهدف الحصول على مبلغ مالي يساعد على تأمين الاحتياجات الموسمية الطارئة، كما في استقبال فصل الشتاء ومع تراجع الظروف الاقتصادية تأثرت فكرة هذه الجمعيات، وليس من السهل تأمين عدد مناسب للمشاركة فيها.
وبعض الأسر اعتادت ادخار مبلغ معين للظروف الطارئة، لكن وبسبب انتشار الوباء وتناقص الدخل، فإن غالبية الأسر استنزفت هذه المبالغ لتغطية متطلبات ضرورية خلال الأشهر الثمانية الماضية.
ويبين سرحان أن المجتمع الأردني خلال الأشهر الماضية امتاز بدرجة عالية من التعاون والتكافل الاجتماعي، حيث نشطت عدة جهات وأفراد في تقديم المساعدات النقدية والعينية للأسر المتضررة مما خفف من الاثار السلبية، وسيزيد هذا الأمر مع دخول الشتاء باحتياجاته ومستلزماته.
ويلفت إلى الظروف الحالية ومع دخول فصل الشتاء بحاجة إلى مزيد من التعاون والتكافل سواء من مؤسسات المجتمع المدني، أو من جانب المؤسسات الرسمية وذلك بتقديم العون والمساعدات وخصوصاً للأسر المحتاجة ، وكذلك العمل على تقليل تكلفة المواد الأساسية وخصوصاً المحروقات التي لا تستطيع أي أسرة الاستغناء عنها.
الى ذلك، تمكين الأسر من تأمين المستلزمات الضرورية أمر في غاية الأهمية نظراً للأثر النفسي على الجميع، وحتى لا يكون الشتاء سبباً في تفاقم هذا الوباء – لا قدر الله- وعدم إغفال الحاجة لتأمين بعض الأدوية والفيتامينات المعقمات والكمامات التي أصبحت من الأساسيات لمواجهة الوباء والوقاية منه، وهي تضاف أعباء أخرى، وينبغي العمل أيضاً على تأمينها مجاناً للأسر غير المقتدرة فالحفاظ على الصحة لا يقل أهمية عن تأمين الغذاء والملبس.الغد