المسؤولية مروءة!!

27 نوفمبر 2021
المسؤولية مروءة!!

بقلم: سليمان الطعاني

تقتضي أمانة المسؤولية ومروءتها أن يلتقي المسؤول بالناس، ويستمع اليهم بأدب دون أن يرفع صوته عليهم، ويعمل على خدمتهم، ناهيك عن أن يتحمل هذا المسؤول النقد مهما علا سقفه وأن مسؤولاً ليس بمقدوره ذلك، فهو عديم المروءة وفقير الأخلاق، حري به أن يغادر موقعه.

تحت هذا الكلمات وفي ثناياها تتوارى تفاصيل مسؤولين من سقط المتاع (رويبضات) قليلي المروءة مبتوري الهمّة رمت بهم الصدفة على الكرسي الذي لم يكونوا يحلمون به طوال حياتهم، فاصبحوا ينظرون الى الناس من فوق ويأمرون وينهىون حسب مزاجهم المتخلّف ومروءتهم البائسة!!!

وكما يقولون،لا تستهن بقوة الأغبياء عندما يكونون في مواقع المسؤولية ولا يمتلكون إلا المال وحده، فإنهم يستهدفون مآسي الآخرين وانكساراتهم.. ولا يتأدبون في حضرة جراحاتهم …

متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً، ونحن نقول لهؤلاء: متى كنتم عبيداً والأصل أنكم أحراراً؟؟

تلجؤك الصدفة وربما الحاجة لمقابلة مسؤول ما في بلدنا الغالي فتجد المثاليات الحقيقية والإنسانية التي يتشدقون بهاغير موجودة لديهم إلا فيما ندر. إنها أخلاق الإنسان أولاً، التي من المفروض أن لايغيرها الكرسيولا يؤثر فيها الجاه وهيلمان المنصب بليصقلها لتكون أكثر نبلاً وسمواً..

لا تجده متمسكا بعفويته التي تجعل كلامه يخرج صافياً رقراقاً من قلبه، تجد لزوميات البروتوكول وطقوسه تذوب فيها العفوية وتجعل التواصل بينهوبين الناس بارداً وباهتا.
استعلائية أدمنها مسؤولونا أوصلتهم إلى الشعور الزائف بأنهم فوق الناس، وأن مقابلتهم للناستكرّم منهم ومنّة ويدلقون كلامهمغير المحتشمفلا يلامس شيئاً  لدى المواطن!…

نتأكد لدى مقابلة أحدهم أن أحوالنا في تدهور بسبب الإفراط في التفاهة التي ستحوّل واقعنا إلى نكتة سخيفة، فالتسطيح يضرب بجذوره بهدوء وإصرار، حتى أصبح جسدنا الاجتماعي مصاباً بالفساد من أساسه، وأن أمورنا فيإنحدار دون إبداء أي مقاومة، فقد غاب المعنى عن غالبية مظاهر الحياة الإنسانية لدينا وتحولت السلبية إلى قيمة تجد من يمجدها ويدافع عنها،

تعودنا في الدوواين والوزارات والجامعات والمكاتب وغيرها..ضرورة اقتران الإسم باللقب مثل باشا وبيك وصاحب الدولة وصاحب المعالي وصاحب الفضيلة وصاحب السعادة أو غير ذلك من الألقاب التي خيلت لأصحابها من فرط تكرارها على مسامعهم أنهم متميزون عن غيرهم وأنهم من طبقة أعلى وأسمى منزلة من طبقات الآخرين.

وكثيراً ما خيل لأصحاب هذه الألقاب أنهم نخبة متميزة وأن أبناءهم أيضاً ليسوا كبقية أبناء الناس ومن حقهم أن يتمزوا أيضاً باستثناءات في الرواتب والوظائف والمناصب يسبقون بها اصحاب الكفاءات العالية من أبناء وبنات الطبقات المسحوقة في المجتمع، وأن من حقهم أن يورّثوا أبناءهم وظائفهم وكراسيهم التي يجلسون عليها!!!

وهذا السلوك عينه هو الذي نشقى به جميعاً وتشقى به شريحة واسعة من الشباب، أساسه التنكر لخليقة التواضع والحشمة ومبدأ المساواه بين أبناء المجتمع الواحد، وغمط الناس حقوقهم والإنزلاق في طريق الكبر والإستعلاء والتصنيف الزائف للناس على أساس المال والجاه وليس على أساس الكفاءات والعمل الصالح والخلق الحسن،

سلوك يهدم ولا يبني، يقضّ مضاجع أصحاب الهمم والكفاءات والإنتماءات الحقيقية من أبناء المجتمع وينحيهم جانباً وكأنهم صنف آخر غير صنف أبناء أصحاب الدولة والمعالي والسعادة، والنتيحة الحتمية الإنزلاق في مهاوي الردى والفساد كما هو السائد!!!!!

مررتُ على المروءةِ وهي تبـكي…فقلتُ: عَلامَ تنتـحبُ الفتاة ؟

فقالت: كيف لا أبـكي وأهلي……جمـيعاً دون خَـلق الله مـاتوا !