في ذكرى معركة السّموع

13 نوفمبر 2021
في ذكرى معركة السّموع

نزار حسين راشد

لا أودُّ أن أذكر أحداً بالإسم،ولا أن أعقّب على أقوال أحد،ولكن مادامت قد ذُكرت معركة السّموع،فلا بُدّ من وقفة،ومعركة السّموع للّذي لم يشهد أولم يقرأ،هي معركة وقعت بين الجيش العربي الأردني واليهود في عام 1966،حيث شنّت إسرائيل هجوماً على قرية السموع انتقاماً لقتلى سقطوا من جانبها بانفجار لغم زرعه الفدائيون الفلسطينيّون المنتمون لحركة فتح الناشئة حينئذٍ وفي فجر ميلادها ،في أراضي  فلسطين المحتلة على الشريط الحدودي،بين فلسطين والكيان الإسرائيلي!

لا زالت أسماء قائدها العقيد الركن بهجت المحيسن،وشهيدها الطيار موفق بدر السلطي،تلمع في سماء ذاكرتنا الجهادية والوطنية،ورصيداً نصرف منه شيكاتنا حين تتجدّد المواجهات،التي ستسير إلى نهايتها المحتومة،وعد الله بدخول المسجد والتحرير،بينما تبقى أسماء هؤلاء رايات ترفرف على هذا الطريق،لا تطالها أيدي المتطاولين ولا أقلامهم المثلومة،فهي لم تُعبّد الطريق إلى هزيمة حزيران 1967،كما زعم الزاعمون،زوراً وبهتاناً وإفكا!وإنّما عبّدت الطريق نحو التحرير!

فهزيمة 1967 كانت ثمرة الفكر العلماني القومي المتربع على كراسي الحكم آنئذٍ،والمنشغل بتصفية خصومه بالمؤامرات والإعدامات والدسائس،من داخل الصفوف وخارجها،ولا يفرّق بين قريبٍ وبعيد!

يكفي ان تقرأ رواية مؤنس الرزاز”اعترفات كاتم صوت” لتعرف في رقبة من تُعلّق خطايا تلك الحقبة،ولكنه إثم كبير،وخطيئة لا تغتفر،أن نعلّقها في رقاب الأبطال والشهداء!

الخليل!

-شمالاً ام جنوباً؟!

-دير قديس هل هي في أراضي ال48 او أرض الضفّة الغربية!

والضفة الغربيّة لمن لا يعلم من الجيل الجديد هي الضفّة الغربية من المملكة الأردنية الهاشمية،و هي ما تبقى من أرض فلسطين بعد الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة إسرائيل عام 1948 وواقعة إلى الغرب من نهر الأردن،وقد ضُمت إلى الأردن بموجب اتفاقية الوحدة التي تمّ توقيعها في 24 نيسان 1950 !

لم تكن معركة السّموع حدثاً مفرداً،كانت المناوشات والاشتباكات مستمرة عبر خط الحدود،منها معركة قلقيلة 1956والتي لم  يقف وراءها دافع سوى دافع القتل والعدوان!لمن يظن أن المبادرة بالهجوم أو العمليات الفدائية هي فقط التي تُحرك دوافع الإنتقام لدى العدو وتشعل المواجهات!

من ذلك أذكر حصار اليهود لكتيبة أردنية،استنجدت بالكتيبة السابعة لفك الحصار عنها،قال والدي تحرُّكُنا نحو العدو لضرب حصار حول الحصار كان مستحيلاً نظراً لديمغرافية الأرض،وعامل الوقت فما إن يكتشف اليهود تحرك قواتنا باتجاههم عبر رصدهم ،حتى يبيدوا القوة المحاصرة كاملة!

-وماذا فعلتم ؟هل تركتموهم لمصيرهم هكذا؟وهل أقدم اليهود  على قتلهم فعلاً!

ويروي والدي:

-يومها استلمت البرقية وأسرعت بها إلى قائد الكتيبة!ولم يكن لديه أي حل سوى دعوتهم للصمود والمقاومة!وحينئذٍ طلبت منه الإذن أن أجري اتصالاتي،فقال:

-إفعل كل ما بالإمكان لننقذ رفاق السلاح!

يستأنف والدي وحينئذٍ اتصلت بالملازم أول محمد،وهوصديقٌ شخصيٌ لي ،على رأس قوة على موقع قريب من القوة المحاصرة!

فردّبثقة:خلال نصف ساعة سيُفك الحصار وينسحب اليهود،أمسك دربيلك”منظارك المقرّب” وبشر قائدك حين تراهم ينسحبون!

قال والدي أمسكت بالمنظار المقرب،وراقبت وما شاهدته أصابني بالصدمة!كان الملازم أول محمد يقتحم بقوته خط الهدنة”خط الحدود” باتجاه إسرائيل!دقائق وقامت القيامة واندفعت القوة المحاصرة خلفه،واهتزت أسلاك البرقيات بيننا وبين القيادة العامة،وأصيب اليهود أنفسهم بالهلع،وأبلغونا أن قواتكم اقتحمت حدودنا!

هدأت الزوبعة وفُك الحصار،واستدار الملازم محمد وعاد إلى موقعه عبر نقطة أخرى!

وللردّ على تقولات المتقولين،فهذه العبقرية الميدانية وهؤلاء الرجال الشُّجعان لم ولن يصنعوا هزائم ابداً!ولكن الأيام دول!وقل تربّصوا إني معكم من المتربّصين!