أزمة خانقة تعصف بالكرة الأردنية .. راتب اللاعب لا يتجاوز أجر موظف

8 نوفمبر 2021
أزمة خانقة تعصف بالكرة الأردنية .. راتب اللاعب لا يتجاوز أجر موظف

وطنا اليوم:تزداد معاناة نجوم كرة القدم الأردنية يوماً بعد يوم نتيجة تراجع المردود المادي الذي يحصل عليه اللاعب الأردني، الأمر الذي يؤثر بالسلب على مزاجية اللاعبين وتراجع مستواهم.
وتسببت الأجور الهزيلة للاعبين في تراجع نتائج العديد من الأندية، إذ نزلت أندية الدرجة الممتازة إلى دوري الدرجة الأولى والثانية نتيجة عدم الالتزام بالدفع المادي للاعبين بشكل منتظم.
ويرجع الكثير من لاعبي أندية الدرجة الممتازة والأولى والثانية لكرة القدم بأنّ غياب الدعم المالي الكافي ونقص الملاعب من أبرز العوائق التي تواجه الاحتراف في الأردن، إضافة على عدم تشجيع النوادي الأردنية احتراف لاعبيها في الخارج.

رواتب هزيلة
الرواتب المتواضعة التي يحصل عليها لاعبو الكرة الأردنية لا تتجاوز أجرة الموظف العادي، إذ تتراوح ما بين 500 دينار أردني (700 دولار) إلى 1500 دينار أردني (1600 دولار) كحد أقصى والقليل منهم من يتجاوز ذلك.
مقابل ذلك، تصل رواتب لاعبي كرة القدم في كل من الإمارات والسعودية إلى 500 ألف ريال سعودي (30 ألف دولار)، وهو ما يعادل 100 ألف دينار أردني.
أمين النصاصرة، لاعب نادي بلعما الأردني، يتحدث عن الحالة السيئة التي تمرّ بها الأندية الأردنية، من قلة المردود المالي والتأخر في دفع الرواتب، وهي أحد العوامل الرئيسية في تراجع المستوى الرياضي للاعبين.
وكشف اللاعب الأردني أنّ إدارة النادي تأخرت في دفع رواتبه ورواتب اللاعبين الآخرين لثلاثة أشهر، مكتفية بتوزيع مبالغ رمزية تتراوح مابين 25 ديناراً إلى 150 ديناراً شهرياً.
ويروي النصاصرة تجربته المريرة مع نوادي كرة القدم بالأردن قائلاً: “أعتبر أنا شخصياً من أكثر اللاعبين تنقلاً بين أندية كرة القدم بالأردن، أبرزها نادي شباب الحسين، نادي البقعة، اليرموك، الأهلي وغيرها من الأندية”.
وقال النصاصرة: “لعبت مع عدة أندية أردنية، 7 أندية مصنفة في دوري المحترفين، و6 من الدرجة الأولى و4 من الدرجة الثانية، وحالياً ألعب في صفوف نادي بلعما الذي يعاني لاعبوه من قلة المردود المادي”.
ويفسر النصاصرة تجربته مع نادي بلعما بالقول: “كنا 20 لاعباً لكن 8 لاعبين فقط من يحضرون التمرينات، والعديد من لاعبي النادي طالبوا بفسخ عقودهم، وذلك بسبب حالة مماطلة الإدارة التي أبلغت اللاعبين أنها تعاني من عجز مادي، فلم تف بالالتزامات المادية”.
ويشير النصاصرة إلى أنّ رواتب نادي بلعما غير مجزية وتتراوح ما بين 650 ديناراً كحد أدنى لكل لاعب شهرياً، والقلة من يصل راتبه إلى 900 دينار، منوهاً بأنّ لاعبي النادي يتلقون ثلث الراتب المتفق عليه بسبب تدهور الأوضاع المالية، خاصة بعد جائحة كورونا.
وكشف أنّ النادي يحتاج شهرياً ما مجموعه 11 ألف دينار رواتب منها رواتب اللاعبين والجهاز الفني والتدريب، فيما يتم دعم أندية الدرجة الأولى والثانية بمبلغ لا يتجاوز 4000 دينار شهرياً من الاتحاد الأردني لكرة القدم، وهذا لا يغطي ثلث احتياجاته.
وفي ظل تأزم الحالة النفسية للاعبين في النادي الذي يحترف فيه النصاصرة، فإنّ إدارة النادي طبقت عقوبات قاسية تتمثل في خصم 10% من قيمة الراتب الشهري لدى الغياب عن التمرين للمرة الأولى لكل لاعب، أما المرة الثانية فيصل إلى 15% وإلى 25% للمرة الثالثة، أما المرة الرابعة فإنّها تصل إلى 30%.
عقوبات الإدارة حسب اللاعب الأردني ستؤدي إلى مضاعفة الأعباء المادية والنفسية للاعبين، خاصة أنّ الكثير منهم يعانون من ضغوطات يحتاجون فيها إلى الراحة والابتعاد عن الساحة والرياضية، وهذا لا تتم مراعاته من قبل النادي.
في سياق متصل، يوضح لاعب الدفاع في نادي بلعما، حسن خشرم أنّ إدارة النادي تطالب اللاعبين بحضور جميع التمرينات الخاصة بفريق كرة القدم، مشيراً إلى أنّه يحتاج يومياً إلى عشرة دنانير مواصلات، الأمر الذي يزيد من الأعباء.
وقال في تصريح إن الغياب عن التمارين يدفع إدارة النادي إلى خصم نسبة من المرتب وهذا ما تمّ، إذ تمّ خصم 75 ديناراً من خشرم بسبب تغيبه عن تمرين واحد فقط، متسائلاً في الوقت نفسه: “كيف إذا تغيبت عن حضور تمرينين أو ثلاثة شهرياً فهذا يعني أنّ أكثر من نصف الراتب سوف يتم خصمه، لأن مرتبي الشهري هو 500 دينار”.
خشرم في ظل الأوضاع السيئة التي يمر بها ناديه طلب من إدارة النادي فسخ العقد، وعمل مخالصة نهائية وقدرت حقوقه المتبقية بـ 1525 ديناراً على امتداد أربعة شهور بدون الخصومات التي يقوم بها النادي من فترة لأخرى، مؤكداً أنّه طلب من النادي عمل مخالصة مالية بنصف المستحقات الخاصة به، لكنّ الإدارة رفضت وماطلت في تحقيق مطلبه.

هواية وليست احترافاً
تجربة أخرى على الساحة الرياضية الأردنية للاعب أحمد أبو عودة الذي يحترف مع نادي الحصن، والذي يرى أنّ رواتب الأندية في الأردن لا تفي باحتياجات اللاعبين الأساسية.
وقال اللاعب : إن “رواتب أندية الدرجة الأولى لا تتجاوز الـ750 ديناراً أردنياً، فيما تتراوح مرتبات أندية الدرجة الثانية ما بين 300-600 دينار فقط.
وأشار إلى أن نادي الحصن الذي يحترف فيه يحتاج إلى دفع 13 ألف دينار شهرياً كرواتب للاعبيه، ومع ذلك استطاع الإيفاء بمُتطلباته واحتياجاته الشهرية، ولم يسجل أي التزامات مالية وديون عليه حتى اللحظة، لأنّ لديه موارد خاصة يجني من خلالها أرباحاً شهرية مثل: صالات تدريب الجيم والمسابح.
ويوضح أبو عودة أنّ لاعبي ونجوم كرة القدم في الأردن خصوصاً أندية الدرجة الأولى والثانية لا يعتمدون على رواتبهم ومكافآتهم التي يحصلون عليها من جراء احترافهم، لكنّهم في الأساس موظفون في الجهات والدوائر الرسمية، منوهاً بأنّ غالبيتهم يعملون موظفين في أمانة العاصمة عمان والبلديات التابعة للمحافظات والمدن بالأردن، وقسم كبير يعمل في الدوائر الأمنية والعسكرية كالجيش والأمن العام والدرك، الأمر الذي يجعل من لعبة كرة القدم بالأردن هواية وليست وظيفة أو احترافاً حقيقياً.

وفي هذا السياق يؤكدّ المدرب في مدرسة الوحدات الكروية الكابتن مصطفى المحسيري أنّ المردود المالي للأندية الممتازة “المحترفين” وأندية الدرجة الأولى والثانية بات سيئاً، وهناك عجز مالي للعديد من الأندية نتيجة لتوجهها نحو التعاقد مع عدد من اللاعبين المحترفين.
وقال : إن نادي الوحدات لم يتوقف عن استجلاب اللاعبين وكذلك التعاقد مع المحترفين من خارج النادي حتى بات هناك عجز مالي وعدم قدرة على الإيفاء بالالتزامات الخاصة بالنادي شهرياً.
ويشير المحسيري إلى أنّ بعض اللاعبين في صفوف نادي الوحدات يتقاضون راتباً يصل إلى 50 ألف دينار أردني سنوياً ما يعادل (4000 دينار شهرياً)، وأقل لاعب في صفوف نادي الوحدات يتقاضى (1500 دينار)، بالإضافة إلى المكافآت الأخرى التي يحصل عليها اللاعب حال فوزه بمباراة
وكشف أن قيمة جائزة بطل دوري المحترفين تمّ تخفيضها من 120 ألفاً إلى 60 ألف دينار، وذلك بسبب الأزمة المالية التي يعيشها اتحاد الكرة الأردني، وبسبب انسحاب الشركة الراعية “المناصير” من دعم دوري المحترفين الأردني.
وفي ظل تراجع أوضاع نوادي كرة القدم الأردنية يؤكدّ المحسيري أنّ نادي الوحدات يبقى هو الأحسن حالاً من غيره، فأندية مثل نادي ذات راس، وشباب الأردن، لا يتجاوز فيه رواتب اللاعبين الألف دينار، وبعضها يصل 700 دينار و500 دينار فقط.
وحول الإيرادات الخاصة بنادي الوحدات، يوضح المحسيري أنّها تتنوع ما بين دعم من رجال أعمال واقتصاديين، وبدل إعلانات، واستثمارات خاصة بالنادي، إضافة إلى دعم متواصل من شركة “زين” للاتصالات التي دعمت النادي وعمدت إلى رعاية أنشطته الرياضية والثقافية والاجتماعية والخيرية طوال الأعوام السابقة.
وحول مدى دعم وتشجيع نادي الوحدات لاعبيه على الاحتراف بالخارج، يجيب المحسيري بالقول: “العديد من اللاعبين في النادي تأتيهم عروض للاحتراف بالخارج، لكن إدارة النادي ترفض بسبب أنّ تلك العروض هي دون المستوى، نظراً لأنّ العائد المادي غير مرتفع والعروض المقدمة غير مغرية”.
وأشار إلى أنّ بعض عروض الاحتراف تأتي إلى لاعبي نادي الوحدات قبل انتهاء عقودهم مع النادي، وبالتالي فإنّه يشترط موافقة النادي إذا أراد اللاعب فسخ العقد والانتقال لأي ناد آخر، وهذا يعني أنّ النادي سيحصل على نسبة محددة من عقد الاحتراف وتم الاتفاق على مبلغ معين مقابل التخلي عن أي لاعب والانتقال إلى ناد آخر.

تراكم الديون وسوء الإدارة
العجز المادي وتراكم الديون على النوادي وسوء الإدارات السابقة وعدم قدرتها على الوفاء بالالتزامات باتت سبباً مهماً في تراجع مستويات الأندية وهبوطها إلى درجات ومستويات أقل.
وأكد رئيس اللجنة المؤقتة لنادي البقعة، المهندس عادل حمدان، أنّ النادي الذي يرأسه ويقود دفته حالياً يحتاج إلى مصاريف تقدر بـ 20 ألف دينار شهرياً، منها 12400 دينار كرواتب للاعبين، في الوقت الذي تبقى فيه إمكانيات ناديه ليست كبيرة في ظل ارتفاع نسبة المديونية وذلك بسبب سوء الإدارات السابقة.
ويوضح حمدان، في حديث ، أنّ نادي البقعة يملك عقارات مؤجرة على شكل مخازن تجارية مقابل أجرة تبلغ 15 ألف دينار شهرياً، لكنّ بسبب تأخر الحصول على الإيرادات، وتقاضي البعض منها على شكل دفعات لعشر سنوات قادمة قام النادي باستهلاكها، وهذا ما يجعل الإدارة غير قادرة على سداد الالتزامات الشهرية، المتمثلة في أجور اللاعبين والموظفين والإداريين، ما زاد من الأعباء الملقاة على عاتق مجالس إدارات النادي المتعاقبة.
وفي سياق حديثه يكشف حمدان أنّ الديون المتراكمة على النادي وصلت إلى 90 ألف دينار مطلوب منه تأديتها وإلا فإنّه مهدد في نهاية موسم دوري المحترفين بالهبوط لأندية الدرجة الأولى، حيث من المرجح أن يتم خصم 6 نقاط من قبل الاتحاد الأردني إذا لم يفِ النادي بالتزاماته المتمثلة في دفع التزامات العقود للاعبين محترفين دوليين، احترفوا مع النادي لكنّ تم إنهاء عقودهم بسبب عدم القدرة على الإيفاء بمطالبهم