هل إستخدم رئيس الوزراء ثقله السياسي ليقتص من بائع قهوة

28 أكتوبر 2021
هل إستخدم رئيس الوزراء ثقله السياسي ليقتص من بائع قهوة

وطنا اليوم:الجدل تجاه حرية الرأي والتعبير في الأردن ليس جديداً، لكن النقاش هذه المرة تجدد حولها بصورة كبيرة بعد اعتقال الناشط الأردني كميل الزعبي، بسبب منشور للأخير يدعي فيه أن زوجة رئيس الوزراء بشر الخصاونة، حصلت على أموال عبر استغلال منصب زوجها وتتقاضى آلاف الدنانير من مؤسسات رسمية.
وكانت السلطات الأمنية الأردنية اعتقلت الناشط الزعبي على خلفية شكوى مقدمة من رئيس الوزراء بشر الخصاونة بحقه، واعتبرت الشكوى أن المنشور أضر برئيس الوزراء معنوياً ونفسياً، وتضمن أخباراً كاذبة، فيما قرر المدعي العام توقيف الناشر أسبوعاً على ذمة التحقيق، وتوجيه تهمة إثارة الفتنة له، وهي من اختصاص محكمة أمن الدولة.
وقد ألهبت الحادثة مواقع التواصل الاجتماعي، ووجه العديد من الناشطين انتقادات ضد قانون الجرائم الإلكترونية، الذين اعتبروه خرقاً واضحاً للحريات، وأصبح حبلاً ملتفاً على رقابهم، بحد وصفهم. وبعد تكرار الاستدعاءات والتوقيفات بحق أصحاب الرأي، أطلق مواطنون وسياسيون وصحافيون هاشتاغ “# الحرية – لـ كميل – الزعبي” على فيسبوك؛ للتعبير عن تضامنهم وتنديدهم للسبب وراء استدعائه من مكتب الجرائم الإلكترونية. ورأى البعض في الواقعة انتهاكاً للحريات الشخصية وهجوماً على حرية التعبير. وبرزت دعوات لوقفة احتجاجية مساء غد الخميس أمام كشك القهوة الذي يملكه الناشط كميل الزعبي، “رفضاً لسياسة التوقيف والاعتقالات والتضييق على النشطاء ومنع حرية التعبير عن الرأي، التي كفلها الدستور”.
إلى ذلك، تحول كشك القهوة الذي يعتاش منه الزعبي محجّاً للمؤازرين والمواطنين من كل محافظات المملكة، خاصة بعد قيام ابنه الأكبر بسام، الذي يبلغ من العمر 15 عاماً، بالعمل خلفاً لوالده، وسد فراغه داخل الكشك، وذلك من أجل ديمومة الدخل اليومي للأسرة التي تتكون من ثلاثة أبناء إضافة إلى الأب والأم.
وأثار ما حدث وجهات نظر انفعالية في أغلب النقاشات، من ضمنهم من اعتبر استدعاءه “غير مبرر” ويجب أن يكون هناك تروّ وحكمة من قبل رئيس وزراء قبل تقديم شكواه.
وفي ضوء ذلك، كتب النقابي البارز المهندس ميسرة ملص، منشوراً عبر صفحته الشخصية فسيبوك، معلقاً على الحدث: “القول بأن اللجوء إلى القضاء ممارسة فضلى، هذا يتم في الدول الديمقراطية العريقة التي لا تكون قوانينها عرفية، بحيث تسمح بتوقيف مواطن لمجرد الشكوى عليه، وقبل صدور الحكم المبرم النهائي، ودون وجود ضرورة لتوقيفه”، مشيراً إلى أنه “في الدول الديمقراطية يحق للمواطن التتبع والتعليق حتى على تفاصيل الحياة الخاصة لمن يتسلم المسؤولية”.
وأضاف ملص: “كميل الزعبي كتب ادعاءات حول تقاضي زوجة رئيس الوزراء مبالغ مالية بغير وجه حق، ألم يكن أكرم لرئيس الوزراء الذي استشاط غضباً لأمر شخصي يتعلق به (بينما لم نر غضبه هذا عندما انتهك حق المواطنين الأردنيين عدة مرات خلال فترة تسلمه لرئاسة الوزراء) أن يحول كتابات كميل الزعبي إلى رئيس ديوان المحاسبة (أكثر جهة رقابية رسميه مقبولة لدى المواطنين الآن) ويطلب منه التحقق مما جاء بكلام كميل، ثم أعلن ذلك على الملأ للمواطنين؟”.
واعتبر الناشط سليم شديفات، في منشور عبر فيسبوك، “أن حق الإنسان في التعبير مكفول بضمانة التشريعات الدولية والشرائع السماوية في الدول الديمقراطية، وحرية النقد لأي مسؤول بصفته الوظيفية هي عرف متفق عليه دولياً ما لم يتطرق إلى شخص الإنسان أو حريته الشخصية، لذلك من الشفافية أن تقوم أي حكومة في العالم بالرد على أي استفسار من أي مواطن دون قمع حريته ما دام تساؤله ضمن أدبيات وأخلاقيات التساؤل، ودون أي إضرار بالسلم المجتمعي”.
أما صلاح الزعبي، فغرد على توتير بقوله: “عندما يشتكي رئيس وزراء بعظمته على مواطن بسيط مسحوق لأنه سأل عن راتب زوجته، فاقرأ السلام على الدولة في المئوية الثانية، وعلى كذبة الإصلاح السياسي…عاش الاستبداد”.
في المقابل، كشفت المديرة التنفيذية لـ”مركز العدل للمساعدة القانونية” المحامية هديل عبد العزيز، عن أوجه الخلل في القضية التي رفعها رئيس الوزراء بشر الخصاونة على الناشط كميل الزعبي.
وأشارت إلى أن أولها متابعة رئيس الوزراء شخصياً للشكوى نيابة عن زوجته (كما نشر على لسان محامي المشتكى عليه)، موضحة أن المدعي العام وإدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية لا يقبلون ذلك من أي مواطن، ويطلبون حضور المتضرر المباشر في المنشور لو لم يكن المشتكي رئيس الوزراء.
وأكدت أن هذه القضية لا تستلزم التوقيف وفق أحكام المادة 114 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، إلا إذا توقع المدعي العام أن وجود كميل الزعبي حراً سيشكل خطراً على الناس أو خطراً على البينة، أو شك بأن احتمالية هربه عالية.
وأضافت: “بكل الأحوال، لم يكن المدعي العام في الغالب ليرسل دورية لإلقاء القبض على المشتكى عليه في الرمثا وجلبه وتوقيفه”.
ولفتت عبد العزيز إلى أن هذه القضية لا تتعلق بمواطن يمارس حقه باستخدام قانون عرفي مشرع، بل برئيس وزراء يستخدم ثقله السياسي ليقتص من شخص أشاع عن زوجته معلومة كان يمكن إصدار بيان لنفيها لو كنا في بلد تستقر فيه الأعراف الديمقراطية.
يُشار إلى أن المادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن تنص على أنه “يعاقب كل من قام قصداً بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو الموقع الإلكتروني أو أي نظام معلومات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص، بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تقل عن مئة دينار ولا تزيد على ألفي دينار”.القدس العربي