كلام في السياسة…!

22 سبتمبر 2021
كلام في السياسة…!

زهدي جانبيك

اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية: خطوط سايكس _ بيكو إذ تنتقل من الأرض إلى قلب الإنسان.
المحامي فرانسوا ماري دينيس جورج – بيكو، هو المحامي الفرنسي الذي ولد بعد انتهاء الحرب الشركسية الروسية بستة أعوام، أصبح دبلوماسيا وجلس عام 1916 مع العقيد الانجليزي سير مارك سايكس الذي ولد بعد بيكو بتسعة أعوام، كان عمر الأول 46 سنة، والثاني 37 سنة عندما قررا اقتسام إرث الخلافة العثمانية في الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا وشهد على اتفاقهما سيرجي سازانوف مقابل ان يجلس الأخير مع الفرنسي باليولوج في نفس السنة 1916 لتحصل روسيا على أرمينيا، واستانبول، والمضائق التركية…
ولو ان جائحة كورونا اللعينة في نسختها الأصلية (جائحة الانفلونزا عام 1918)، بكرت بالوصول سنتين لاراحت العرب من سُمِّ العقيد الانجليزي مارك سايكس الذي توفي عام 1918 بالانفلونزا، بينما عاش بيكو حتى الخمسينات من القرن الماضي… وبالمقابل، لو ان فلاديمير لينين أنجز ثورته البلشفية مبكرا بعام واحد لاراح العرب من سموم سازانوف وطمعه بالاراضي العثمانية الذي لم يتحقق ابدا بفضل ثورة الاستقلال التركية…..
المهم… الخطوط التي رسمها هؤلاء الشياطين بين العرب على الأرض، لم يتردد العرب في إعادة رسمها في قلوبهم فاصبحوا شمالات وجنوبيون، وشرقيون وغربيون، وبدو وحضر، ومحافظات (تقسيمة جديدة لم تخطر ببال المحامي الشيطان الفرنسي بيكو) في كل معاملاتهم وخططهم الإصلاحية منها وغير الإصلاحية، فكرمى لعيون سايكس وبيكو وسازانوف لا يجوز أن تتقدم الدولة سياسيا وتمنح الحياة الحزبية في الأردن قُبْلَةَ الحياة وتخرجها من غرفة الإنعاش…
كما الفَراش في مداراته الانتحارية حول المصباح، يدورون ويدورون ويدورون حتى الموت احتراقا وانتحارا وفي قلوبهم الخطوط التي رسمها مارك سايكس وفرنسوا بيكو، ووقعها بول غامبون وادوارد غراي، رافضين اي تحرر من تلك الحدود المحفورة في قلوبهم ربما قبل أن يرسمها ذاك الشيطان المحامي الفرنسي بيكو على الارض…
يا سادة، ما خططه الشياطين المذكورين أعلاه، لتقسيم الأمة العربية كان له خطة مشابهة لاقتسام الأراضي التركية… وانكشفت الخيانة البريطانية الفرنسية الروسية على يد البلاشفة الروس الذين كانوا فيما بعد اول من اعترف بدولة الصهاينة على ارض فلسطين الخالدة… وعندما كشف البلاشفة اتفاقية سايكس بيكو وما تبعها من اتفاقيات فرح الأتراك لان الغرب خان العرب الذين ثاروا على العثمانيين، فقسموهم بدل ان يتوحدوا بدولة عربية كما كانوا يظنون… ولكنهم (الأتراك) ، مع فرحهم بما حل بمن خرج عليهم من العرب،… لم يرضوا بخطوط سازانوف وباليولوج على الأرض التركية… فنزعوها من قلوبهم وحاربو العالم داخليا وخارجي، لتبقى تركيا موحدة… وما كان لذلك ان يتحقق لهم إلا بعد ان ازالوا خطوط التقسيم من قلوبهم…فأصبحنا هم ونحن، كما ترون بعد مئة عام من نفس المحنة، هم في دولة واحدة قوية، ونحن ما زالت تتكاثر دولنا حتى لحظة كتابة هذه الكلمات.
لن يتحقق إصلاح حزبي ولا انتخابي طالما بقيت خطوط سايكس وبيكو محفورة في قلوبكم بين شرق وغرب، وبدو وحضر، وشمال وجنوب، ومحافظات (وهذا مصطلح جديد على الساحة له معناه الخاص)…
لا تعديل قوانين، ولا دساتير يمكن أن يمحو خطوط هذا الشيطان الفرنسي من قلوبكم… انتم فقط تستطيعون محوها والتقدم الى الامام، انتم فقط تستطيعون ان تَخْرُجوا من أسِّرة الخداج التي حشرتم أنفسكم بها… وطالما آمنتم ان ذاك الغطاء البلاستيكي الشفاف المحيط بسرير الخداج هو سماؤكم، فلن تتنفسوا الهواء الطبيعي لا بعد عشر سنين ولا بعد عشرين… وعندما تدركون ان سنة الكون النمو، وان وهم “سَكِّنْ تَسْلَمْ” لم يعد يصلح الا للخطابات، وان العدم أشد خطرا عليكم واكثر فتكا بكم من الحركة…. عندما تدركون كل هذا وتمسحون خطوط سايكس وبيكو من القلوب، سيكون قد فات الأوان وسترون ان حالة الشوق الى التغيير المبني على توهم عدم وجوده تتساوى في خطرها مع حالة: ومن الحب ما قتل.