الأسر الأكثر ضعفا على موعد مع أيام حظر عجاف

10 نوفمبر 2020
الأسر الأكثر ضعفا على موعد مع أيام حظر عجاف

وطنا اليوم:كانت الانتخابات البرلمانية، تشكل فرصة للعائلات الاكثر ضعفا، وتحديدا عمال المياومة، لتحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية، بعملهم في تعليق اليافطات، وتوفير خدمات النقل للمنتخبين أو تقديم خدمات الضيافة في المقار الانتخابية وغير ذلك.
كما كان لأطفال عدد من الاسر دور بارز في توزيع الكتيبات وبطاقات المؤازرة أمام مراكز الاقتراع، اضافة الى توزيع الماء والطعام على ضيوف المقار الانتخابية، ما يحقق للطفل الواحد مردودا يترواح ما بين خمسة وعشرة دنانير، يضاف اليها غالبا وجبة طعام وعصائر وحلويات.
هذا العام، جاءت انتخابات 2020 بنكهة مختلفة وقاسية على الاسر الاكثر ضعفا وفقرا، فالإجراءات الوقائية منعت اقامة المقرات الانتخابية والتجمعات أمام مراكز الاقتراع، وانتقل غالبية المترشحين من الاعلانات الورقية واليافطات الى العالم الافتراضي لتكون مواقع التواصل الاجتماعي، هي الفائز الاكبر بالترويج للمترشحين.
هذه الخسائر زادها قسوة، اعلان الحكومة حظرا شاملا يبدأ مساء اليوم ولمدة أربعة أيام كإجراء احترازي للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19” بعد الانتهاء من عملية الاقتراع في الانتخابات النيابية، وفي وقت باتت تتسرب فيه معلومات عن امكانية تمديد أيام الحظر في حال ارتفعت عدد حالات الاصابة.
ما بين حظر الأيام الأربعة أو ما يرشح من امكانية للتمديد، يبرز السؤال “كيف ستقضي الأسر الأكثر ضعفا وأطفالهم يوم الاقتراع، وما تليه من أيام الحظر؟، وهل ستتمكن تلك الاسر من تخطي هذه الايام خصوصا أن غالبيتها لم تتعاف بعد من اثار الحظر الماضي؟”.
بعد الحظر الاول الذي امتد قرابة الاربعين يوما، ظهرت عدة تقارير قاست أثر الاغلاقات على الأسر الفقيرة، أبرزها التقييم السريع الذي اجراه برنامج الامم المتحدة الانمائي حول أثر فيروس كوفيد 19 على الأسر الاكثر ضعفا في الأردن خلال فترة الاغلاقات من نهاية آذار (مارس) الماضي وحتى مطلع أيار (مايو)، وشمل 1648 أسرة من الاكثر هشاشة والمستفيدين من الدعم المقدم من تكية أم علي، أظهر أن 68 % من هذه الاسر فقدت سبل عيشها خلال فترة الاغلاقات، و7.5 % تم تخفيض رواتبهم و4.8 % منهم منحوا اجازة غير مدفوعة الراتب، كما قال أكثر من 60 % إنه ليس لديهم أي مصدر دخل اضافي.
كما واجهت 85.6 % من الاسر صعوبة في تلبية احتياجاتها الرئيسة من غذاء، دواء ودفع ايجار، كما أن 63.8 % من الاسر لا تكفيها مدخراتها لمدة أسبوع.
نتائج التقييم تتطابق مع نتائج مسح قامت به منظمة الامم المتحدة للطفولة “اليونيسف” لقياس الاثر الاقتصادي والاجتماعي للجائحة على فئة الاطفال الأكثر ضعفا، حيث بينت الدراسة ان نحو 28 % من الأطفال الأكثر ضعفا وهشاشة في الأردن، “ناموا لياليهم أثناء تنفيذ أوامر الدفاع بحظر التجول جياعا”، لكن هذه النسبة “انخفضت لتصل إلى 15 % بعد فك الحظر”.
كما كشف المسح عن تضاعف عدد العائلات التي يقل دخلها الشهري عن 100 دينار أردني منذ انتشار الجائحة من 6 الى 12 %، كما اعتمدت 8 أسر من أصل 10 على آليات التأقلم السلبية، بما في ذلك زيادة الاعتماد على الديون وعمالة الأطفال.
كما أظهر المسح انخفاض نسب الاسر التي يبلغ دخلها الشهري اكثر من 250 دينارا شهريا من 59 % الى 52 % اي بتراجع قدرة 7 نقاط.
بدوره،يؤكد وزير التنمية الاجتماعية ايمن المفلح في تصريح جاهزية الوزارة لتلبية اي احتياجات او معونات للاسر العفيفة خلال الحظر.
وفي رد على سؤال حول الجاهزية لتوفير متطلبات الاسر الاكثر فقرا وهشاشة خلال أيام الحظر الشامل التي تلي الانتخابات، قال المفلح ان الوزارة جاهزة لتلبية تلك الاحتياجات بالتنسيق مع الحكام الاداريين لإيصال المعونات للعائلات المستحقة.
من جانبه، يقول مدير عام تكية ام علي، سامر بلقر“خلال فترة الاغلاقات الماضية شهدنا تدهورا كبيرا في اوضاع الاسر خصوصا تلك التي تعتمد على دخلها بشكل يومي أو أسبوعي، هذه الاسر تضررت بشكل كبير وهو ضرر لا يمكن تعويضه، حتى في حالة فرض حظر لمدة 4 أيام فهذه الاسر أيضا ستتأثر، ولن يتم تعويض هذه الايام خصوصا مع القرار الاخير بعدم اعتبار ايام الحظر عطلة رسمية”.
ويشير بلقر الى المؤشرات لدى التكية لاوضاع الاسر المستفيدة من خدماتها، قائلا، “الوضع الاقتصادي للأسر الهشة يتدهور بطريقة متسارعة”. ويوضح، “هذه الاسر أساسا كانت على حد الفقر الغذائي، الآن الكثير منهم سقطوا تحت خط الفقر الغذائي”، داعيا الى ضرورة ايجاد سبل تنموية لحماية هذه الاسر بفاعلية وباسرع وقت ممكن.
مدير مركز الفنيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، يحذر من أن “اي شكل من اشكال الحظر او الاغلاق الاقتصادي الجزئي او الكلي دون ان تتحمل الحكومة المسؤولية خصوصا تجاه المواطنين الذين تأثرت اعمالهم سلبا وتحديدا الفئات الاكثر فقرا، سيكون له مخاطر كبيرة على تمتع بالحد الادنى من معيشتهم”.
ويضيف، “تجربة الحظر الشامل الماضية كانت لها تأثيرات عميقة على حياة المواطنين وسبل عيشهم خصوصا العاملين في الاعمال الحرة وعمال في القطاعات المتضررة سواء المنظمين أو غير المنظمين، فقد ساهمت تلك الاجراءات في زيادة معدلات الفقر والبطالة خصوصا ان الحكومة بأوامر الدفاع التي اتخذتها تركت القطاع الخاص بمواجهة العاملين”.
ويلفت عوض، الى أن “موازين القوى في علاقة العمل منحازة لصالح اصحاب الاعمال، ما جعل من السهل التعدي على حقوق العمال، في المقابل كذلك لم تقم الحكومة بتقديم الدعم المطلوب لأصحاب الاعمال، فأصبح أصحاب العمل غير قادرين على استدامة أعمالهم وتغطية أجور العاملين لديهم”.
ويقول، “حتى الدعم المقدم من صندوق همة وطن كان قليلا جدا، لذلك أعتقد أنه وجب على الحكومة ان تنظر لاثر الحظر على المواطنيين خصوصا الاكثر فقرا، وفي حال توسعت في الاجراءات المتعلقة بالإغلاق الاقتصادي يجب ان تتحمل مسؤوليتها وبغير ذلك ستكون الاوضاع ستكون كارثية”.
وكان المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في الأردن، اندرس بيدر، قال في تصريحات سابقة لـ”الغد”، إن “أثر الجائحة كان أكبر على الفئات الضعيفة والهشة، فهناك أشخاص كانوا يعانون من ظروف صعبة فاقمتها الجائحة وجعلت منهم أكثر هشاشة وضعفا”.
وأضاف، “التبعات لهذه الآثار السلبية بدأنا نلمسها، وربما القادم هو الأصعب، لذلك علينا الخروج بموازنة تراعي الجانب الصحي وفي المقابل تراعي عدم تفاقم الآثار الثانوية الأخرى والتي تؤثر على مستوى حياة الافراد من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والنفسية”.