وطننة الجغرافيا…!!

11 أغسطس 2021
وطننة الجغرافيا…!!

 

بقلم : سهل الزواهره

 

قانون انتخاب عبقري يخلق أحزاب حقيقية و يُصلِح الموجود منها و يستوعبها كجزء منها .

 

الإنطلاق من الأحزاب و واقعها في حالتنا الأردنية لبناء قانون انتخاب بناء على هذا الواقع أمر لا يستقيم و لن يُعطي نتائج إيجابية للدفع نحو إصلاح للمنظومة السياسية و الأصل حتى يستقيم الأمر أن نفكر بطريقة عكسية بحيث يكون قانون الانتخاب هو الأساس لخلق أحزاب قادرة على الوصول الى حكومات برلمانية و أحزاب حقيقية.

لذلك الإنشغال بالأحزاب الحالية و تصويب أوضاعها هي نظرة تجانب الصواب و استثمار كبير في غير مكانه، فهي أي هذه الأحزاب و إن كانت تصلح كبداية متواضعة مع التحفظات الكثيرة عليها إلا أنها يجب أن لا تكون بشكلها الحالي أحد الأعمدة الرئيسة لبناء حياة سياسية سليمة و بكل الأحوال لا بد من إعادة تشكيلها بجعلها فقط مجرد مغذي فرعي لأحزاب مستقبلية يأتي بها قانون انتخاب عبقري و غير تقليدي و للحق معظم المطروح و المُسرب بهذا الشأن لا يرقى إلى المرحلة و يدورنا في نفس الزوايا البليدة و يتضح منه قصور مرده إما الهوى او الجهل و عدم التعمق المحسوب بالأمور ، و بكل الأحوال الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يدار بمنطق الغزوات و الندوات و للأسف الصورة التي تعتلي الساحة السياسية ليست أكثر من إرتجالات أو ملىء فراغات باجتهادات شخصية لا تصلح للبناء عليها، تماما كالزواج من اجنبية للحصول على جنسية دولتها فالهدف الجنسية و ليس الزواج و نحن كذلك الهدف الإصلاح الشكلي و ليس الإصلاح الحقيقي .

أما بالنبسة لعدد مقاعد مجلس النواب فالصواب أن لا يتجاوز بحده الأقصى (١٠٠ مقعد) ، و يجب أن نأتي بنواب بملامح وطنية غير متقوقعة على ذاتها و لا يكون ذلك إلا بحفظ تمثيل المحافظات مع صبغ نوابها بصبغة وطنية تشاركية و يكون ذلك بالاعتماد على قوائم وطنية جغرافية واسعة إن جاز التعبير ، فنحن طالما بحثنا عن نواب حارات سنبقى ندور في ذات الدائرة العبثية التي لا يراد لنا الخروج منها ، و يجب بالتزامن مع ذلك دفن أي ذهاب إلى منطق المحاصصات و تغليب الديموغرافيا فهذا المنطق و إن كان مطبقا في كثير من دول العالم فهو بالقطع لا يصلح للحالة الأردنية لإعتبارات داخلية تتعلق بمدى تغلغل المواطنة و التعبير عنها انتخابيا و الإكتراث لها لدى شريحة واسعة في المجتمع من ناحية و موروث مستقر متعلق بمدى تمثيل الجغرافية الاردنية و محاذير التعمق غير المحسوب بالعبث بها، أو بعبارة أُخرى الاردن لا يصلح أن يتم تصويره كدولة جديدة بثوب جديد و ترسيخ ذلك على الأقل في هذه الفترة التي تتسارع بها سيناريوهات التصفية والرقص على الإيقاعات الإسرائيلية ومن ذلك يأتي البعد الخارجي .

إن الحديث المتداول عن مقاعد البرلمان و توزيعها في اي قانون انتخاب قادم يعطي إنطباع غير مريح بأننا ذاهبون الى تسليع الوطنية و تغليب منطق الكعكعة في قسمة هذا البلد الذي قتلته البطالة و استفحل في شرايينه الفقر و ارتفعت في جنباته الأهواء العرفية و هوى به التعليم و تردت به الصحة و ساد فيه منطق التوريث المناصبي المقيت الذي اصبح تقليدًا اردنيًا بامتياز و بات يمر دون ضجيج بقيمة ، إن كل كلام يفقد قيمته عندما يتم التغاضي عن بؤس الناس و الإنخراط المنهمك في اصلاح سياسي لن يكون ما دامت تحكمنا نوازع الأنانية و التناقض التي يصبح فيها الرأي جريمة و الفعل الفاسد عرف مقبول .